21 نوفمبر 2024 | 19 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ إبراهيم بوبشيت: نحن نستلهم مهارات الذكاء الاجتماعي في تعاملاتنا من كتاب الله وسنة نبيه

15 فبراير 2015

يصِف المختصون الذكاء الاجتماعي بأنه هوالقدرة البشرية الحصرية على التَنقُل والتفاوض بفعالية في العلاقات الاجتماعية المعقدة وفي البيئات المختلفة، ولأن الإنسان في احتياج دائم للمجتمع، فهو يحتاج إلى بصيرة وذكاء في التعامل لإنجاح علاقاته الإنسانية.

حول هذا الموضوع يقول الداعية الدكتور إبراهيم بويشيت أن الإنسان يحتاج إلى جواز سفر يسافر به إلى قلوب الناس، هذا الجواز هو الذكاء الاجتماعي، من هذا المنطلق ينبغي أن يتعلم شباب اليوم كيف يكسبون كبار السن ولا يُنَفِّروهم، ينبغي أن يتعلم طالب العلم والداعي إلى الله كيف يكسب أفئدة الناس وأسماعهم، لا أن يغلظ عليهم في القول وينفرهم من خطابه، قد تجد طالب علم متميز ومجتهد، يستطيع أن يستحضر من الآيات والأحاديث مالا يُحصى، لكنه لا يستطيع أن يتحاور مع زوجته عشر دقائق دون زَجْرٍ وصراخ، أو تجد ذو منصب كبير يرأس عشرات الموظفين، ويعجز عن النقاش مع ابنه المراهق.

نحن في حاجة إلى الذكاء الاجتماعي حتى نحل كثير من مشاكلنا داخل الأسرة أو داخل بيئة العمل، نستلهم مقومات هذا الذكاء من كتاب الله وسنة رسوله، كذلك من مواقف السلف وتعاملهم مع كثير من الأحداث، فنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام كان يتعامل مع الوفود بأسلوب راق يأسِر قلوبهم، ويلين به جمود كبار القوم على اختلاف طبائعهم.

ويعتقد الدكتور بوبشيت أن كثيرا من الناس اليوم يتحسسون من النصيحة، لكن لو استلهم كل منا طريقة الرسول في النُصح لصَنَع فرقا كبيرا في قبول الآخر، فمثلا حين قال النبي لعبد الله بن عمر (نِعْمَ الرَجُل عَبْدٌالله لَوْ كَانَ يَقٌومُ اللَيْل) رواه مسلم والإمام أحمد، يُقال أن ابن عمر ما ترك بعدها قيام الليل أبدا، فلا تظن أن مواجهة الناس بالنصيحة المباشرة هي الطريق الأمثل، وإنما عليك الاقتداء بصنيع النبي مع أصحابه، لتنزل نصيحتك بردا وسلاما على قلوب الناس، من أجل هذا كان الذكاء الاجتماعي هو خير تطبيق لقول المولى عز وجل (وَقٌولٌوْا لِلْنَاسِ حُسْنَا) البقرة 83، فلا تتفوَّه إلا بالخير، ولا ترُد على سفيه القول، وحاول دائما أن تَخرُج من المواقف المحرجة بلباقة، وأحسِن الظن بالناس، والتمِس لهم الأعذار، واعلم أن الناس كالشجر، أرضه وسقياه واحدة وثمره مختلف، فقبل أن تطالب الناس أن يحترموك، ابدأ أنت باحترام الاختلافات بين الناس في أفكارهم ورؤاهم.

ويؤكد فضيلة الدكتور أن مشكلتنا اليوم أننا لا نُنزِل الناس منازلهم، فالتواضع مطلوب، لكن حِفظ منازل الناس أيضا مطلوب، ليس معنى أنك تعرفني أو أعرفك أنك لست ملزما بأن تُحسن خطابك أو تُحسن حوارك، إن من أكثر المشكلات الأسرية شيوعا هي مشكلة المرأة ذات المنصب الوظيفي الأعلى من زوجها، تجده لا يتعامل معها بقدر عقلها وفكرها، فيُهينها نفسيا وفكريا، فلا تصبح مبدعة في مجال عملها، ويرى الشيخ أن معظم من انتكست من الزوجات كان ذلك بسبب زوجها، لذا ينبغي أن يتحلى الإثنان بالذكاء الاجتماعي ويتعلمان فن الاستماع، ويحفظ كل منهما قدر الآخر.

الأب أيضا – في رأي الشيخ – عليه أن يكون ذكيا مع ولده، يُكَنيه صغيرا ويعطيه قَدْرَه كبيرا، حتى إذا وصل الأبناء إلى مرحلة الشباب وبدأت معارفهم ومداركهم تتفوق على الآباء، هنا ينبغي على الأب أن يتحلى بقدر من الذكاء الاجتماعي لمجاراة التغييرات التي تطرأ كل يوم على أبنائه، ومن المفيد في هذه الحالة أن يتجه الآباء لما يسميه الشيخ (العِلم الثانوي)، يحاول مثلا أن يتعلم شيئا جديدا كل شهر، ولو بشكل مختصر، كأن يأخذ نُبذة عن المعارف بأنواعها، هذه الحصيلة على مدار العام سوف تُعطي الأب مكانة أعلى وأرقى بين أفراد أسرته، لأن أي موضوع يُطرَح للنقاش وقتئذٍ سيكون لدى الأب خلفية – ولو بسيطة – عنه، تُثْري الحوار وتؤلف القلوب.

ويتجلى الذكاء الاجتماعي أيضا في مهارة اتقاء شر الحاسدين، يقول الدكتور بوبشيت أنه إذا علم المرء أن هناك من يحسده، فمن الذكاء ألا يتعمد إخباره بنجاحاته وانجازاته الشخصية، لأن الطرف الآخر أصلا لا يحبه، فكيف سيفرح لنجاحاته؟ إنما الأفضل أن يستغل أي فرصة تستدعي المشاركة ليشاركه فيها، كالمواساة في الملمات، أو التهنئة في المناسبات، لأن الإنسان لديه مواطن ضعف، منها اللقاءات الاجتماعية، فإثبات وجودك بجانب الناس في الأيام العصيبة هو نوع من الذكاء الاجتماعي، سيؤلف القلوب ويمحو البغضاء، ولا شك أن الذي يخالط الناس ويصبرعلى أذاهم خير ممن لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، كما أن خير الناس من يألَف ويُؤلَف.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت